الأعرابيّ واللؤلؤة

                   (نقلها المؤلّف – بتصرّف - لتلاميذه في الصفّ الخامس)

   من عادة الصَّدف أن يخرج من البحر لاستنشاق الهواء؛ وهو من الكائنات البرمائيّة. وقد رُوي أنّ صَدَفَةً خرجت ذات يوم من مياه "البحرين" إلى الشاطئ، وابتعدت عنه مُدَيْدةً قريبة وفتحت فاها للريح تستنشقه. فاتّفق أن مرّ من هناك ثعلبٌ، فأبصر، في جوف ذلك الحيوان البحري، قطعة لحم، فوثب عليها وأدخل فاه في جوف الحيوان طمعًا في أكل اللحمة، ولكنّ الصدفة عندما أحسّت بالاعتداء عليها، أطبقت فاها على فم الثعلب، ضنًّا منها باللؤلؤة التي في داخلها والتي تصونها صيانة المرأة لولدها، وضغطت عليه ضغطًا شديدًا حتّى ضايقت الثعلب وأخذت بنَفَسِه، فسرع يُمعن في العدْوِ ويضرب بها الأرض يمنةً ويسرةً، حتّى نهكت قُواه وانقطع نفَسَه ووقع على الأرض ميتًا.

   وأمّا الصَدَفَة فإنّها بقيت مُطْبِقَة فاها على فيه إلى أن قُضي عليهما معًا وظلّا مطروحين في ذلك المكان؛ فصدف أنْ مرَّ بالقرب منهما أعْرابيٌّ فأبصر شيئًا شبيهًا بالطبق على في الثعلب، فعالجه ورأى فيه مُدَحْرجة تلمع بياضًا، فأعجبه لونها وأخذها إلى مدينة البصرة وعرضها على تاجرٍ عطّارٍ كان يألفه، فأخبره أنّها لؤلؤة تساوي مائة درهم وابتاعها منه؛ فسُرَّ الأعرابيُّ واشترى بثمنها مِيرةً لعياله، وقفل راجعًا إلى بيته. أخذ التّاجر البصريّ اللؤلؤة إلى بغداد مدينة السلام فباعها بجملة كبيرة من المال واتَّسعت تجارته ويَسُرَ عيشه.